منتديات فورفري

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فورفري


    معركة البويب

    الجنرال
    الجنرال
    مشرف متميز جدا
    مشرف متميز جدا


    عدد الرسائل : 147
    تاريخ التسجيل : 12/02/2009

    معركة البويب Empty معركة البويب

    مُساهمة  الجنرال الإثنين مارس 09, 2009 12:02 am

    farao farao farao farao
    معركة البويب


    في رمضان عام 13 هجرية دارت رحى معركة البويب الحاسمة في تاريخ فتح العرب لبلاد الفرس، إذ كان لانتصار المسلمين فيها أثره في إيقاع الرعب في قلوب أهل فارس حتى سار المسلمون فيما بين الفرات ودجلة لا يمنعهم مانع ولا يقف في وجههم محارب.

    وقد جاءت هذه المعركة بعد هزيمة موجعة ألمت بجيش أبي عبيد بن مسعود في واقعة المروحة؛ إذ واجه على الضفة الأخرى من الفرات جيشا فارسيا يقوده بهمن جازاويه فطلب منه القائد الفارسي أن يختار بين العبور إلى حيث الفرس أو يدعهم يعبرون إليه، ورغم أن القوم أشاروا إلى أبي عبيد بعدم العبور إلا أنه صمم على رأيه ودارت المعركة فانهزم المسلمون، وأرادوا العودة إلى الشاطىء الآخر فوجدوا الجسر قد قطع، ومات منهم في هذه الموقعة 4 آلاف بين غريق وقتيل، ولولا شجاعة المثنى بن حارثة الشيباني وعقده للجسر مرة أخرى لفني الجيش عن آخره.

    وأرسل الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد موقعة المروحة بإمدادات لقائده المثنى، فالتقاها عند البويب (وهو نهر بالعراق موضع الكوفة يأخذ من الفرات)، ووجد الجيش الإسلامي أن الفرس بقيادة مهران على الجانب الآخر من النهر وقد خيروهم بين العبور إليهم أو تركهم يعبرون إلى العرب، وكان الجواب أن طلب المثنى من مهران العبور لأن واقعة الجسر لم يمح أثرها بعد، وعبر الفرس واقتتلوا مع المسلمين، ولما حمي وطيس المعركة أمر المثنى بالإفطار وكانت الحرب في هذه الموقعة من أشد ما صادفه المسلمون هولاً لكثرة عددهم، ولكنهم اصطبروا صبرا جميلا وكانت الهزيمة للفرس بعد أن كاد يفنى قلب جنودهم، ولما شرعوا في الهزيمة سبقهم المثنى إلى الجسر فقطعه فأرادوا العبور فلم يمكنهم، فذهبوا في البلاد مصدعين ومنحدرين بعد أن قتل منهم ما قدر بـ 100 ألف.

    وقد يؤثر عن المثنى حكمه على نفسه في قطعه الجسر وإحراجه العدو أن قال: "لقد عجزت عجزة وقى الله شرها بما ساقني إلى الجسر وقطعه، فإنني غير عائد فلا تعودوا، ولا تقتدوا بي أيها الناس؛ فإنها كانت مني زلة فلا ينبغي إحراج أحد إلا من لا يقوى على الامتناع".

    ثم أرسل المثنى في إثر المنهزمين من اتبعهم إلى أن أدركوهم وعقدوا لهم جسرا عند النيب، وهي قرية من سواد الكوفة.

    ولعل في مسلك المثنى ما ينبىء عن حكمة حربية خالطتها نزعة إنسانية لا لبس فيها، فمن الناحية العسكرية كان المثنى يخشى أن يحارب الفرس بعد أن سد أمامهم طريق الفرار محاربة اليائس، وهي حرب أشبه بالعمليات الانتحارية.

    أما الجانب الإنساني الذي توخاه المثنى بعقده الجسر لقوات الفرس حتى ترتد إلى قواعدها فهو جلي لا يخفى على أحد؛ إذ لم يكن للفتح أي نزوع نحو تقتيل الفرس وإبادتهم، وإنما كان الهدف إخضاعهم لحكم الإسلام وحملهم في اعتناقه أو دفع الجزية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 2:10 pm