الصغيران
للرافعي
التعريف بالشاعر :
مصطفي صادق الرافعي (شكسبير العرب ) إمام من أئمة الأدب، وشيخ من شيوخ العربية، وأمير من أمراء البيان. ولد سنة 1298هـ / 1880م في (بهتيم) إحدى قرى محافظة القليوبية من أسرة سورية الأصل، ولم يتم المراحل التعليمية لمرضه، فثقَّف نفسه بالقراءة، واستقر أكثر حياته في مدينة (طنطا) حيث كان كاتبا في إحدى المحاكم بها حتى توفي سنة1356 هـ / 1937م .
وله ديوان شعر من ثلاثة أجزاء وكتب نثرية متعددة مثل : إعجاز القرآن - وتاريخ الأدب العربي - ورسائل الأحزان - والسحاب الأحمر - وحديث القمر - وأوراق الورد - والمساكين . وجمع مقالاته التي نشرتها له مجلة الرسالة في كتابه (وحي القلم) . وينتمي في النثر والشعر إلى مدرسة المحافظين.
جو النص :
كان الكاتب عائداً إلى منزله ليلاً فرأى طفلة في الخامسة من عمرها ومعها أخوها في الثالثة من عمره تائهين قد ضلاَّ الطريق إلى منزلهما فشعرا بالرعب لهذا الضياع، وأشفق عليهما الكاتب وقدم لهما بعض قطع الحلوى حتى ظهرت أمهما تبحث عنهما وغمرتهم الفرحة جميعا... وتأثر الكاتب بهذا الحادث فكتب قصة هذين الصغيرين مبيناً مدى المعاناة التي حدثت لهما و لذويهم .
س : لماذا اختار الكاتب عنوان المقالة كلمة واحدة هي (الصغيران)؟
جـ : ليوضح حاجة الأطفال الشديدة إلى الرعاية والعطف والاهتمام .
العاطفة المسيطرة :
عاطفة الأسى والحزن الشديد والألم والإشفاق لحال الصغيرين التائهين الممتزجة في النهاية بعاطفة السعادة والفرحة لحظة عودة الطفلين إلى أحضان أمهما .
النص : " منظر غير متوقع "
( في تلكَ الساعةِ كانَتِ الأرضُ قد عَرِيَتْ إلا من أواخِرِ الناسِ وطوارِقِ الليلِ ، وبقيَّةٍ من يقظةِ النهارِ تحبو في الطريقِ ذاهِبَةً إلى مضاجِعِها ، فبينَما أمُدُّ عينَيَّ وأديرُهُما في مفتَتَحِ الطريقِ ومنقطَعِهِ ؛ إِذِ انتفَضْتُ انتفاضةَ الذُّعْرِ ، ووَثَبَتْ رجَّةُ القلبِ بجسمي كُلِّهِ ، كما تَثِبُ اللسعةُ بمَلْسُوعِها ، ذلكَ حينَ أبصَرْتُ الطفلَيْنِ ) .
اللغويـات :
عريت: أي خلت - أواخر الناس : بقية الناس المتأخرين في العودة - طوارق الليل : الحيوانات الخارجة ليلا من قطط ضالة ونحوها ، م طارق - يقظة : نشاط وانتباه × نوم - تحبو : تزحف ، و المقصود تسير ببطء من التعب - المضاجع : م مضجع وهو مكان النوم - مفتتح : أول - منقطع : نهاية - الذعر : الفزع - وثبت : قفزت - رجة : هزة- اللسعة : لدغة العقرب وهي مؤلمة- الملسوع : الذي لسعته العقرب .
الشرح :
مضى جزء من الليل، وقد خلا الطريق من الناس إلا من تضطرهم ظروف أعمالهم أن يعودوا إلى منازلهم متأخرين ، وكانوا يمشون في تعب وبطء، وكذلك كان هناك بعض الحيوانات الضالة ، وكنت أتجول ببصري في الطريق في كل اتجاه إذ سيطر عليّ و هاجمني إحساس بالفزع والرعب عند رؤية الطفلين .
س : علامَ اعتمد الكاتب في عرض مقاله ؟
جـ : اعتمد الكاتب في عرض مقاله على طريقة السرد، فيحدد الزمان وهو أول الليل ، والمكان وهو الطريق، والأشخاص وهم بقايا الناس العائدين إلى منازلهم متأخرين والقطط والحيوان الخارجة ليلا تبحث عن رزقها، وبقية من نشاط الناس في النهار في طريقها إلى الاختفاء.
التذوق :
س : ما العاطفة المسيطرة على الشاعر ؟
جـ : العاطفة المسيطرة على الشاعر : عاطفة الإشفاق و الفزع .
[كانت الأرض قد عريت] : س / م ، تصور الأرض بشخص عارٍ، وسر جمالها التشخيص، وتوحي بهدوء الليل .
[الأرضُ قد عَرِيَتْ إلا من أواخِرِ الناسِ وطوارِقِ الليلِ] : س / م ، تصور الناس والحيوانات ببقية الملابس التي تستر الجسد ، وتوحي بهدوء الليل.
[يقظةِ النهارِ تحبو] : س / م ، تصور اليقظة بأطفال تحبو، وتوحي ببطء الحركة، وتثاقل الناس .
[تحبو في الطريق] : كناية عن التعب الشديد .
[الليل ـ والنهار] ، [مفتتح ـ ومنقطع]: محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد ، ويفيد الشمول .
[أواخر الناس ـ وطوارق الليل ـ وبقية من يقظة النهار] : محسن بديعي / ازدواج له تأثير موسيقى جميل .
% تذكر :
الازدواج هو : التوازن الموسيقي بين الجمل بدون سجع وله تأثير موسيقي جميل غير متكلف.
[أمد عيني وأديرهما] : كناية عن التطلُّع والتأمل في الطريق ، أو عن خلو الطريق من المارة .
[عيني] : مجاز مرسل عن البصر علاقته : السببية .
[انتفضت انتفاضة الذعر] : تشبيه لانتفاضته بانتفاضة إنسان مذعور، ويدل على قوة الانفعال والتأثر .
[وثبت رجة القلب بجسمي كله كما تثب اللسعة بملسوعها] : تشبيه تمثيلي حيث شبه حالته حينما انتفض فجأة مذعوراً بحالة من لدغه عقرب ؛ ليدل على شدة الألم المفاجئ الذي أحس به الكاتب عند رؤية الصغيرين، وفيه توضيح وإيحاء برقة شعوره نحو الأطفال .
[ذلك حين أبصرت الطفلين] : قدم الأثر الذي شعر به (انتفاضة الذعر - رجة القلب)قبل أن يذكر سببه للتشويق .